أيها الأطفال هل فكرتم يوما؟
جيل المستحيل :: ساحات الترحيب بالأعضاء الجدد :: ساحات الإقتراحات والشكاوي :: المنتديات الصحية الرياضية :: المنتدى الأسري :: روضة الأخوات :: قسم أدم :: واحة الطفل
صفحة 1 من اصل 1
أيها الأطفال هل فكرتم يوما؟
خَلَقَنا اللهُ جميعاً كثيراً ما تسمع الناسَ يشيرون إلى "الله". وغالباً ما يَذكُرونه في جُمَل مثل: "لِيُبَارِكَّ اللهُ"، "إنْ شاء اللهُ" "فَلْيَغفِر لك الله" وهكذا. هذه هي الجمل التي تستخدمها حين تذكُر الله، وتُصلِّي بين يديه أو تُسبِّحه. وعلى سبيل المثال فإنَّ جملة "فَلْيَحفَظْكَ اللهُ" تُعبِّر عن حقيقةِ أنَّ الله لديه قوَّةٌ وقدرةٌ لا نهائية عليك وعلى جميع المخلوقات مِن حولك - الحيَّةِ منها وغيرِ الحيَّة -. فاللهُ وحدَه القادرُ على حِفْظِك وحفظِ أُمِّك وأبيك وأصدقائك مِن الأذى. ولهذا السبب فإنَّ هذا الدعاءَ كثيراً ما يُستخدَم حين الإشارة لِكارثة طبيعية أو حادثٍ مأساويٍّ مماثل. ولْنُفكِّر لحظةً؛ هل يُمكِن لأمِّك أو أبيك أو أيِّ أحد تعرِفه أنْ يمنع كارثةً طبيعيةً مثل فيضانٍ أو حريق أو زلزال؟ بالطبع لا يُمكِنهم ذلك، لأنَّ الله وحدَه الذي يجعل مثل هذه الحوادث تصيب الإنسان، وهو وحده القادرُ على منعِها أيضًا. وكلمة "إن شاء الله" تعني: إذا أراد الله، وعليه، فإنه يجب علينا حين قولنا سوف نفعل شيئاً أو سنمتنع عن فعل شيء، أن نقول بعد ذلك: "إن شاء الله"، ذلك لأن الله وحده هو الذي يعرف المستقبل وبالتالي يخلقه حسب رغبته، ولا يحدث شيء إلا حسب ما يرغبه الله. وحين يقول أحدٌ منَّا على سبيل المثال: بالتأكيد سأذهب إلى المدرسة غدًا؛ فإنه يرتكب خطأً بذلك، لأنه لا يعرف ما الذي يريد الله منه أن يفعله في المستقبل. وربما أصابه المرض وعجز عن الذهاب إلى المدرسة، أو ربما حدثت اضطرابات أو ظروف جوِّية صعبة فتوقَّفت الدراسةُ في المدارس. لهذا السبب نقول "إن شاء الله"حين نعبِّر عما ننوي عمله في المستقبل، وبالتالي نُقِرُّ بأنَّ الله يعرف كل شيء، وأنَّ كلَّ شيء يحدث بإرادته، ولا يمكِننا أن نعرف شيئًا يتجاوز ما يعلمه الله لنا، وبهذه الطريقة نُظهِر الإحترام الواجب نحو ربِّنا الذي يمتلك القدرة والمعرفة المطلقتين. ويخبرنا الله في آياتِ القران الكريم أنه يريد منَّا أن نقول (إن شاء الله" فيقول عزَّ مِن قائل: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍإِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) (سورة الكهف: 24 - 23 ) . وقد لا تعرف يا صغيري الكثير عن هذه الموضوعات، ولكنَّ هذا ليس مُهِمًّا إلى درجة كبيرة، فما عليك - إن أردت أن تعرف الله - إلا أن تنظر مِن حوْلك وتُفَكِّر. ستجد أنَّ الجَمَال ينتشر حولنا في كلِّ مكان وتظهر لك صفاتُ الله وقدرتُه التي لا حدود لها. فكِّر في أرنبٍ أبيضَ جميلِ اللَّون، أو في الوجه الباسم للدَّلافين، أو في الألوان الزاهية لجناح فراشة، وفكِّر في زُرقة البحار، وخُضرة الغابات والأنواع المختلفة من الزهور، وغيرِ ذلك من مظاهر الجمال التي لا حصر لها في العالم. إنَّه الله الذي خلق كلَّ هذا، فهو خالق كلِّ الكون الذي تراه؛ خلق مِن عدَمٍ العالمَ وما به من مخلوقات. ومن خلال رؤية الجَمَال الذي يخلقه الله يمكنك أن ترى قدرته المطلقة. ويُعتبَر من الحقائق التي لا شك فيها أنَّ وجودَنا هو دليلٌ على وجود الله؛ ولذا فَلْنُفكِّرْ أولاً في وجودنا، وكيف خلقَنا الله بهذا القَدْرِ مِن الكمال. خَلْقُ الإنسان هل تساءلتَ يوماً كيف ظهر الإنسان إلى الوجود؟ غالباً ما تبادر بالإجابة: "إنَّ لكل فرد أُمًّا وأباً" ولكنَّ هذه الإجابة سوف تكون غيرَ دقيقة، فهي لا تفسِّر كيف ظهرتْ أوَّلُ أمٍّ وكيف ظهر أوَّلُ أبٍ، أي إنَّها إجابة لا تفسِّر كيف ظهر أوَّلُ إنسان إلى الوجود. ويمكن أن تكون قد سمعت بعض القصص عن هذا الموضوع في المدرسة أو ممن هم حولك. فَلْنَأْتِ الآن إلى الإجابة الدقيقة الوحيدة؛ وهي أنَّ الله هو الذي خلقك. وسوف نتناول هذا الأمر بالتفصيل في الفصول القادمة. أمَّا الآن، فهناك شيء واحد يجب أن نعرفه كلُّنا، وهو أنَّ أوَّل إنسان ظهر على وجه الأرض إنَّما كان النبيُّ آدمُ عليه السلام، ومنه جاء كلُّ البشر. وكان آدمُ عليه السلام إنساناً مثلنا تماماً، يمشي ويتكلَّم وينام ويأكل، ويصلِّي كذلك ويعبد الله. وقد خلقه الله أولاً ثم خلق زوجتَه، ثم تكاثر أبناؤُهما وملأُوا العالمَ بأكمله. ولا تنس أبداً أنَّ الله، حين يريد الخلْقَ، يُصدِر أمراً واحداً، وهو قولُه لِما يريد خلْقَه: كُن فيكون، فعند الله القوةُ والقدرةُ المطلقة ليفعل أيَّ شيء يُريد. وعلى سبيل المثال فإنه خلق آدمَ من طين وهذا أمر سهل بالنسبة إليه سبحانه. ورغم ما سبق فلا تنس أبداً أنَّ هناك أُناس يُنكرون وجودَ الله، ويعطي هؤلاء إجاباتٍ أخرى للسؤال حول كيفية إيجاد الناس؛ فهم لا يبحثون عن الحقيقة. فإذا تخيَّلنا أنَّ شخصيةً من شخصيات الرسوم المتحرِّكة قالت: أنا ظهرت إلى الوجود حينما تمَّ سكب الحبر على الورق بالصدفة، كما أن الألوان سُكِبَت هي الآخرى بالصدفة وكوَّنت ألواني، أي أنَّني لم أحتج لأيِّ شخص لِيَرسمَ صورتي أو يعطيَنِي شكلي، وإنما ظهرتُ للوجود بالصُّدفة. لا يمكنك في هذه الحالة أن تأخذ كلام هذه الشخصية الكارتونية بجِدِّية، فأنت تعرف أن الخطوط والألوان المُحكمة والحركات التي تصدر عن هذه الشخصية الكارتونية وغيرها لا يمكن أن تتكوَّن بصورة عشوائية من خلال سَكْب الألوان هنا وهناك، حيث أنَّ سكب زجاجة حبر لا ينتج عنه إلا فوضىً وبُقعةً مِن لطخ الحبر، ولا يمكن أن تَنْتُج عنه صورةٌ دقيقة ذاتُ خطوط منتظمة .وكلُّنا يعرف أنه لظهور أيِّ شيء له معنى وهدفٌ، فإنَّه يجب لشخص ما أنْ يفكِّرَ فيه ويُصمِّمَه ويرسمَه. ولا تحتاج يا صغيري لتعرف كل هذا أن ترى الفنَّانَ والرسَّام، فأنت تفهم تِلْقائِياً أنَّ فنَّان الكارتون هو الذي أعطى الشخصيةَ الكارتونيةَ خصائصَها وشكلَها وألوانَها والقُدرةَ على الكلام والمشي أو القفز. وبعد هذا المثال فكِّر بجِدِّية فيما يأتي: إنَّ شخصًا ما لا يقبل فكرة أنَّ الله خلَقه، يكون في الحقيقة كاذباً، مَثَلُه مَثَلُ الشخصية الكارتونية في المثال السابق. والآن لنفترض أنَّ مثل هذا الشخص يتكلم معنا، فلْنَرَ كيف سيُحاول شرح طريقةِ مجيئِه هو والآخرين إلى هذا الوجود، وسنجد أنَّه يقول: "أنا وأبي وأمي وأجدادي والآباء الأولون الذين عاشوا في غابر الزمان، كلُّنا جئنا إلى هذا الوجود بالصُّدفة .لقد خلَقت المصادفاتُ أجسادَنا وأعيُنَنا وآذانَنا وجميعَ أعضائنا". وكلمات هذا الرجل الذي يُنكر أن الله خلقه، ستكون مثل كلمات الشخصية الكارتونية، ولا يوجد إلا فارق وحيد بينه وبين هذه الشخصية الكارتونية؛ هو تكوينها الذي كان مِن خطوط وألوان مرسومة على فرخ من ورق، أمَّا الشخص الذي يُنكِر خلق الله له، فإنه مُكوَّن من خلايا. ولكنْ، ألا يوجد فارق آخر؟ أليس هذا الرجل الذي ينطق هذه الكلمات كائنٌ شديدُ التعقيد، وتكوينه أكثرُ إتقاناً مِن الشخصية الكارتونية؟ ألا يمتلِك أعضاءاً أكثر؟ وبالتالي، إذا كان مِن المستحيل على الشخصية الكارتونية أن تظهر إلى الوجود بالصدفة فإنه أكثرُ استحالة أن يأتي إنسان إلى الوجود بالصُّدفة. والآن، لِنَسأل هذا الشخص السؤال التالي: "لديك جسدٌ رائعٌ يعمل دون أدنى خلل؛ فيَدَاك لديهما القدرةُ على إمساك الأشياء بدِقَّة عظيمة، أفضلُ مِن أكثر الماكينات تطوراً. ويمكنك أن تجرِيَ على قدميك، ولديك بصرٌ مثاليٌّ أكثرُ حِدَّةً مِن أفضلِ آلات التصوير. ولديك أُذُنان تسمع بهما صوتًا واضحًا نقيًّا لا أثر لأي خشخشة فيه، ولا يستطيع أفضلُ جهاز صوتيٍّ أن يُنتج صوتًا بوضوح الصَّوْت الذي تسمعه بهما. ويوجد بجسدك العديدُ مِنَ الأجهزة التي لا تُحِسُّ بها، والتي تعمل معاً لإبقائك على قيد الحياة. وعلى سبيل المثال؛ فرغم أنه ليس لديك أيُّ سيطرة على عمل قلبِك وكِلْيَتَيْكَ وكبدك فإنها تستمر في العمل دون أدنى عطل. وفي عصرنا هذا فإن المئات من العلماء والمهندسين يبذلون جهوداً مضنية ليُصَمِّموا ماكيناتٍ مُشابِهةٍ لتلك الأعضاء، ورغم ذلك لم تُؤَدِّ جهودُهم إلى شيء .أي أنك أيُّها الإنسان مخلوقٌ خالٍ مِن العيوب يعجز البشر عن صُنعِ أيِّ آلة مماثلة لها. فكيف تفسِّر كلَّ هذا؟" سنجد أنَّ الرجلَ الذي يُنكِر أنَّ الله يخلُقُ هذه الأشياء غالباً ما يقول: "أنا أيضاً أعرف أنَّ لدينا أجساداً تخلو من العيوب وأعضاءًا مثاليةً، ولكنِّي أومن بما يأتي: اِجتمعتْ مجموعةٌ مِن الذَّرَّات التي لا حياةَ فيها ولا وَعْيَ لها، بالصُّدفة، لتكوين أعضائِنا وأجسادِنا" وسوف تلاحظ بلا شكٍّ أنَّ كلماته تبدو غيرَ منطقيةٍ وغريبةً. وأيًّا كان عمره أو عمله، فإنَّ أيَّ شخص يسوق هذه المزاعم لديه أفكارٌ واضحةُ الخطأ. ومِن العجيب أنَّ المرء كثيراً ما يُصادِف أُناسًا يُؤمِنُون بِمِثْلِ هذه المعتقداتِ غيرِ المنطقية. ونظراً لأنَّ أبسطَ الماكينات تحتاج لمُصمِّمٍ يُصمِّمُها، فإنَّ نظامًا مُعَقَّدًا كالإنسان لا يمكن أن يكون قد ظهر بالصُّدفة، فلا يوجد شكٌّ أنَّ الله خلق الإنسان الأوَّل وزوَّده بالأجهزة التي تُمكِّنُه مِنَ التكاثُر بحيث تظهر الأجيالُ التالية. وقد ضمِن اللهُ للجنس البشريِّ البقاءَ مِن خلال برامِجَ وضعها في خلاياه. وظهرنا نحن بِدوْرِنا بفضل هذا البرنامج الذي خلقَه الله، وتنمو أجسادُنا وفقاً لهذا البرنامج. وما تقرَأُه في الصفحات التالية سوف يُمَكِّنُك مِن فهمٍ أوْضَحَ لحقيقةِ أنَّ الله الذي خلَقَنا يَمْتَلِكُ قدرةً وحكمةً لا نِهَائِيتَيْنِ. البرنامج المثاليُّ في جسم الإنسان أوضحنا في الصفحة السابقة أنَّ الله زوَّد الجسم البشريَّ ببرنامج مثاليٍّ. ويرجع الفضل لهذا البرنامج في أنَّ لِكلِّ إنسان عينين وأذنين وذراعين وأسنانًا. كما يرجع الفضل في هذا البرنامج في أن البشر يتشابهون في أشكالهم بدرجة معقولة رغم بعض الاختلافات في ملامحهم. فنحن نشبه أقاربَنا، وبعضُ الشعوب لدَيْها ملامِحُها المُمَيَّزة بسبب هذا البرنامج، وعلى سبيل المثال فإنَّ الصينيِّين واليابانيِّين عادةً ما يشبه بعضُهم بعضًا كما أنَّ للأفارقة لونَ بشرتهم وملامحَ وجوههم وتركيباتِ أفواههم وأعيُنِهِم المُمَيَّزة. والآن سوف نصف لك هذا البرنامج من خلال المثال التالي: قد تكون لديك فكرةٌ عن كيفية عمل الحاسبات الآلية (الكمبيوتر). يصمِّمُ خبيرٌ هذا الحاسِبَ الآليَّ. ويقوم الخُبَراءُ في مصانعَ خاصةٍ مُستعِينِينَ بالتكنولوجيا الحديثة بإنتاج مكوِّناتٍ مُكَمِّلَةٍ للحاسب، مثل الميكروبروسيسور، والشاشةِ ولوحةِ المفاتيح والقُرْصِ المُدمَجِ ومُكبِّرَاتِ الصوت وغيرِها. وبهذا تكون لديك ماكينةُ حاسبٍ قادرةٍ على أداء عملياتٍ عاليةِ التعقيد. ويمكنك أنْ تشغِّلَ ألعابًا أو تكتبَ على الحاسب ما تشاء، ولكن حتى يتحقق أيٌّ مِمَّا سبق فإنَّك تحتاج لبرمَجِيَّاتٍ، ومِن دون هذه البرمجيات، التي يجهِّزُها خبراءُ خصيصاً لهذا الغرض لأنَّ الحاسب لن يعمل بدونها. وعلاوةً على ذلك فإننا نعرف أنه ليس كلُّ برنامج يتواءَم مع كلِّ حاسب، مما يعني أنَّ المُبرمِج يجب أنْ يعرف كُلاًّ مِن الحاسب الآلي والبرمجيَّات المتوائمة معه. وكما رأينا فإن الإنسان يحتاج إلى ماكينة وإلى برنامج مناسب معاً ليتمكن من تشغيل الحاسب الآليِّ. والأهمُّ من ذلك أنَّه إن لم يقم أحد بتصميم كلِّ هذه الأشياء وإنتاجها، فإن الحاسب، مرةً أخرى لن يعمل. ويشبه الجسدُ البشريُّ الحاسبَ الآليَّ. وكما ذكرنا سابقاً فإن هناك برنامجًا في خلايانا يتسبب في ظهورنا، ويتبادر للذهن سؤال وهو كيف ظهر هذا البرنامج نفسه للوجود؟ الإجابة واضحة وهي: يخلق الله القدير كل إنسان على حدة، فالله هو الذي خلق أجسادنا وخلق البرامج التي تشكل هذه الأجساد . ولكن لا تفهمني خطأً، فإنه من المستحيل مقارنة الجسدِ البشريِّ بالحاسب الآلي، فأجسادنا تتفوَّق على أعقد الحاسبات بما لا مجال معه للمقارنة. ومخُّنا وحده على سبيل المثال أعقدُ عدة مرات من الحاسب. والآن لنرى كيف يولد طفل رضيع ويأتي إلى هذا العالم: توجد في البدء على شكل قطعة شديدة الصغر من اللحم في رحم أمك، ومع الوقت تتمدد هذه القطعة وتأخذ شكلها المحدد. ويتحدد منذ اللحظة الأولى لوجودك طولك ولون عينيك وحاجبيك، وشكل يديك والمئات من الملامح الأخرى. وكل تلك المعلومات تكون مخزنة في هذا البرنامج الأولي الذي وضعه الله في خلاياك .ويتميز هذا البرنامج بأنه متقن ومفصل لدرجة أن العلماء لم يبدأوا في فهم كيفية عمله إلا حديثاً جداً. ونحن ننمو بالتدريج وفقاً لهذا البرنامج الذي وضعه الله في أجسادنا، ولذلك فإن نموَّ أجسادنا لا يبدو لنا غريباً، حيث أننا ننمو خلال سنوات. ولا شك أننا سوف نصاب بالدهشة إن عمل هذا البرنامج بسرعة أكبر، فمظهر طفل حديث الولادة يتحول فجأة إلى رجل عجوز أمام أعيننا سوف يبدو مذهلاً بدرجة كبيرة. كيف ظهرت الأحياء الأخرى إلى الوجود؟ ولا تقتصر الكائنات الموجودة على الأرض بأي حال من الأحوال على البشر، فهناك الآلاف من الكائنات الحية، بعضها تعرفه، والكثير منها لا تعرف عنه شيئاً. وبعض هذه الكائنات تعيش من حولك، فأنت تراهم وتسمعهم في كل مكان. وبعض هذه الكائنات بعيد عنك جداً بحيث لا تجد فرصة لرؤيتها إلا في الكتب أو في السينما. ولكنك بنظرة متعمِّقة إلى هذه الكائنات سوف تجد أنَّ لديها كلها صفة واحدة مشتركة. فهل يمكنك أن تستنج ما هي هذه الصفة؟ يمكننا أن نسميَ هذه الصفة "التواؤم".والآن دعنا نعدد ما هي الأشياء التي تتواؤم معها الكائنات الحية:نجدها تتواؤم مع:
وقبل أن نبدأ في شرح العوامل السابقة دعنا نقدم مثالاً مبسطاً لتوضيح معنى "التواؤم ". فكِّر في مقبس ومأخذ الكهرباء في الأجهزة الموجودة في بيتك، ستجد أن هناك تواؤماً تاماً فيما بينها، ولكن كيف يمكن أن تثبت هذا التواؤم التام؟ تثبته بالإشارة إلى أن هناك فتحات في المقبس تدخل فيها قرون المَأخذ. ولكن هل يكفي هذا؟ لا فهناك أيضاً حقيقة أن عرض القرون المعدنية للمأخذ تساوي تماماً عرض الفتحات في المقبس. ولو حدث وتغير الوضع فإن المَأخذ لن يدخل في المقبس. وعلاوة على هذا فإن المسافة بين قرون المَأخذ تساوي تماماً المسافة بين فتحات المقبس، فإن لم تتساوَ المسافتان فإن المَأخذ لن يدخل بإحكام في المقبس. فإذا كان المَأخذ طويلة أكثر من اللازم، فإنها أيضاً لن تتواؤم. وإذا كانت قرون المَأخذ غير معدنية، فإنها لن توصل الكهرباء. وإذا لم يكن المَأخذ مصنوعًا من البلاستيك، فإنك سوف تصاب بصدمة كهربائية في كل مرة تمسك فيها بذلك المَأخذ. وكما ترى فإن غياب التواؤم حتى في أبسط الأدوات مثل المَأخذ والمقبس تجعل الأداة غير قابلة للاستعمال. ويشير هذا إلى أن نفس الشخص هو الذي صمم المَأخذ والمقبس. وقد صممهما ليكونا متوائمين مع بعضهما بعضاً وبالتالي جعلهما قابلين للاستعمال. وبعيدًا عن الخيال أن نتصور أن المعدن والبلاستيك قد اجتمعا بالصدفة وأنه تم التخطيط لكل منهما بصورة مستقلة ومنفصلة عن الأخرى، لأنه في هذه الحالة لن تجد أبداً مقبسًا ومأخذًا يتواءمان مع بعضهما البعض. ونجد أن التواؤم بين المخلوقات الحية أكثر تعقداً بكثير من التواؤم بين المَأخذ والمقبس لأن الكائنات الحية تتضمن الآلاف من الأجهزة والأعضاء التي يجب عليها أن تتعايش في تناسق وتعمل معاً دون أدنى خطإ. وأي محاولة لكتابة شرح هذه الأجهزة وكيف تعمل واحداً واحداً سوف تملأ مكتبة تحوي مئات الكتب. وبناءً على ما سبق فإننا سوف نشرح بصورة مختصرة الصفات المكتملة للكائنات الحية التي أودعها اللهُ فيها: الكائنات الحية تتواؤم مع البيئة التي خلقها الله فيها: كل كائن حي سواء كان على الأرض أو كان في السماء، يتواءم تواؤماً كامِلاً مع بيئته، فهكذا خلقهم الله. وخلق لهم العديد من الأجهزة (النظم) المتقنة التي تضمن لهم التغذية، والحماية والتناسل. ويظهر هذا أن كل كائن حي مصمم وفقاً للبيئة التي يعيش فيها. وتتواؤم أعضاء حياة الكائنات الحية وأساليبها مع الظروف السائدة في بيئاتها. وعلى سبيل المثال، فإن الطيور لديها أجنحة مثالية تمكنها من الطيران في السماء، والأسماك لديها خياشيم مخلوقة خصيصاً لتمكنها من التنفس تحت الماء، ولو كان لديها رئات مثلنا لكانت قد غرقت. الكائنات الحية تتواءم مع الكائنات الحية الأخرى التي تتعايش معها: تساهم بعض الطيور والحشرات في تكاثر النباتات. ويعني هذا، أن هذه الطيور والحشرات رغم عدم إدراكها لذلك، فإنها تساعد على نمو النباتات. وعلى سبيل المثال، فحين تزور النحلة زهرة بعد أخرى، فإنها تحمل اللقاح. ويرجع لهذه العملية الفضل في تمكين النباتات من التكاثر. وفي بعض الحالات تقوم بعض الحيوانات بأفعال تفيد حيوانات أخرى. فالسمك المنظف على سبيل المثال ينظف الكائنات الدقيقة من على أجساد الأسماك الكبيرة وبالتالي يوفر لها حياة صحية، وهذا شكل آخر من أشكال التواؤم. الكائنات الحية تتواءم مع العناصر التي تضمن التوازن في الطبيعة: لا يوجد كائن حي، غير الإنسان يخل بالتوازن في الطبيعة. وإضافةً إلى ذلك؛ فإن الكائنات خلقت بخصائص تحافظ على هذا التوازن. ولكن التوازن على الأرض يكون عرضة دائماً لأن تُخِلَّ به تصرفات الإنسان الجاهل. وعلى سبيل المثال إذا أفرط الإنسان في اصطياد نوع من الكائنات بحيث تخطَّى الحدودَ المعقولة، فإن هذه النوعية تنقرض. ويتسبب الانقراض بدوره في زيادة الفرائس التي كان يصطادها هذا الكائن زيادة مفرطة، مما يمكن أن يعرض حياة البشر أنفسهم بل ويعرض الطبيعة نفسها للخطر. وبالتالي يوجد توازن ذاتي في خلق الكائنات الحية، فهي تُخلَق بتواؤم كامل مع توازن الطبيعة، ولا يمتلك إلا الإنسان القدرة على تدمير هذا التوازن الدقيق. الكائنات الحية تتواءم مع العوامل التي توفِّر منافع للبشر: فكِّر على سبيل المثال في فائدة العسل بالنسبة إليك. كيف تعرف النحل أنك تحتاج إلى هذا النوع من التغذية، وكيف تقوم بإنتاجه؟ وهل يمكن لدجاجة، أو بقرة أو خروف أن يعرف الاحتياجات الغذائية للبشر ويُنتجَ موادَّ غذائيةً مثالية لتغطية هذه الاحتياجات؟ بالطبع لا. وهذا التناسق التام بين الكائنات الحية دليل واضح على أنَّ هناك خالقاً واحداً هو الذي خلقها، وترجع كُلُّ التوازنات الدقيقة على الأرض لهذا الخلق المتقن إلى الله سبحانه. خلْقُ الكون شرحنا إلى حدِّ الآن خلْقَ الله للكائنات الحيَّة. والآن حان الوقت لنتدبَّر الكون بأكمله. خَلَق الله الكون الذي توجد فيه أنت والأرضُ والشمس والمجموعة الشمسية والكواكب والنجوم والمجرَّات وكلُّ الأشياء الأخرى الموجودة في الكون. ورغم هذا فإنه إلى جوار الذين يعارضون حقيقة خلق الكائنات الحية، فإنَّ هناك أناسًا آخرين ينكرون حقيقة خلق الله للكون. ويؤكِّد هؤلاء أنَّ الكونَ ظهر للوجود تلقائيًّا. ويزيد على ما سبق أنَّهم يقترحون أنَّ الكون كان موجوداً دائما. ولكنَّهم لا يفسِّرون أبداً دعواهم غيرَ المنطقية، وهي دعوى تُشبِه المثالَ التالي: تخيَّل أنَّك ركبت مركبًا في يوم من الأيام وأبحرت في عرض البحر، ووصلت إلى شاطئ جزيرة. ففيم سوف تفكِّر إذا ما وجدت مدينةً متطورةً، بها ناطحاتُ سحابٍ، وتحوطها الحدائقُ الجميلة والمساحات الخضراء؟ وإضافةً إلى هذا، وجدت المدينة ملِيئَة بالمسارح والمطاعم وخطوط السككِ الحديدية. بالتأكيد سوف تعتقد أنَّ هذه المدينةَ قام بتخطيطِها وبنائِها أناسٌ أذكياءُ، أليس كذلك؟ فما رأيُك في شخصٍ يقول: لم يَبْنِ أحدٌ هذه المدينةَ؛ فقد كانت موجودةً منذ الأزل، وقد جِئنا في وقتٍ ماضٍ وسكنَّا بها. ونحن نتمتَّع في هذه المدينة بكل ضروريات الحياة التي كانت قد جاءت إلى الوجود بصورة تلقائية"؟ سوف تظن بالتأكيد أنَّ هذا الشخص مجنون، أو أنَّه لا فكرة لديه عمَّا يتكلم. ولكن، لا تنسَ أنَّ الكون الذي نعيش فيه أكبرُ من تلك المدينة بما لا يدع مجالاً للمقارنة. ويتضمَّن هذا الكونُ عدداً لا نهائيًّا، تقريبًا، من الكواكب والنجوم والمُذنَّبات والأقمارِ والأتباع مِن مختلف الأنواع. وفي هذه الحالة فإنَّ الشخص الذي يزعم بِأنَّ هذا الكون المُتقَن لم يتمَّ خلقُه وإنَّما وُجِد دائماً، يجب ألا يبقى دون إجابة لمزاعمه؟ ألا توافقني؟ وبعد أن تقرأ الفقرة التالية سوف تتمكن أنت بنفسك من تقديم أفضل إجابة. والآن دعنا نتوسع في التعرُّف على الكون، وندعُ الإجابةَ إلى النهاية. كلُّ شيء بدأ بانفِجارٍ كبير أثناء العصور التي لم يكن لدى الناس فيها تليسكوبَّات لمراقبة السماوات، لم يكن لديهم إلا النزرَ القليلَ من المعلومات عن المساحات البعيدة في الكون، والتي لا يُعتمَد عليها، وكانت لديهم أفكارٌ عن الكون تختلف كثيراً عمَّا لدينا اليوم. ومع تقدُّم التكنولوجيا، جمَع الإنسان معلوماتٍ دقيقةً عن الفضاء الخارجيِّ، واكتشف الناسُ في منتصف القرن العشرين اكتشافاً في غاية الأهمية، وذلك أنَّ للكون تاريخَ ميلادٍ، ممَّا يعني أنَّ الكون لم يكن دائماً موجوداً. وهذا يعني أنَّ الكونَ والنجوم والكواكب والمجرَّاتِ بدأت في التكوُّن مِن تاريخٍ مُحدَّد. وقد حَسَب العلماء تاريخ الكون ووصلوا إلى أنَّه حوالي 15 مليار سنة. وأطلق العلماءُ على اللحظة التي وُلِد فيها الكون اسمَ:الانفجار العظيم؛ الذي وقع منذ 15 مليار سنة، حين لم يكن شيءٌ قد ظهر إلى الوجود، ثم ظهر كلُّ شيء فجأةً بانفجار، بدأ من نقطة واحدة.ويعني هذا باختصار؛ أنَّ المادةَ والكونَ اللذَينِ ظنَّ الناسُ أنَّهما كانا موجودين على الدوام ليس كذلك، بل كانت لهما بدايةٌ .وهنا يثور سؤالٌ مُؤَدَّاه: كيف وصل الناس إلى أنْ يتفهَّموا أنَّ للكون بدايةً؟ في الحقيقة كانت مسألةً سهلةً بدرجةٍ كبيرة، إذْ أنَّ المادة التي انتثرت وتسارعت مبتعدة عن جزيئات المادة الأخرى مع حدوث الانفجار الكبير ما زالت تتباعد عن بعضها. ولْتُفكِّر يا صغيري قليلاً! فالكَوْنُ مازال مستمِرًّا في التمدُّد حتى لحظتِنا هذه. وتخيَّلْ أنَّ الكونَ عبارةٌ عن بالونٍ، فإنْ رَسَمْنا نقطتين صغيرتين على سطح البالون، فماذا سيحدث لهما عندما تنفخ البالون؟ ستجد أنَّ النقطتين تتباعدان عن بعضهما بعضاً مع زيادة حجم البالون. وكما في حالة البالون، فإن حجم الكون ما زال في زيادةٍ مُستمِرَّة، وكلُّ شيء فيه يبتعد عن كلِّ شيء آخر؛ أي أنَّ المسافة ما بين النجوم والمجرَّات والمُذنَّبات في زيادةٍ مستمرَّة. وتخيَّل أنَّك تشاهد تمدُّدَ الكون في فيلمِ كارتونٍ، كيف سيبدو لك الكونُ إذا قمت بإدارة الفيلم بصورة عكسية نحوَ بدايته؟ سوف ينكمش الكونُ ويتضاءل حتى يصير نقطةً واحدة، أليس كذلك؟ هذا ما فَعَلَه العلماءُ بالضبط؛ فقد عادوا إلى بداية الانفجار الكبير، وأدركوا أنَّ الكون المستمرَّ في التمدد بدأ كنقطةٍ وحيدة. وهذا الانفجارُ الذي سُمِّيَ بالانفجار الكبير، أصبحنا ننظرُ إليه باعتباره النقطةَ المبدئية التي قرَّر الله أنْ يبدأ إيجادَ الكون منها. وخلق الله بهذا الانفجارِ الجُسَيْماتِ شديدةِ الصِّغَرِ، التي تشكَّلَ منها الكونُ، وبالتالي ظهرت المادَّة إلى الوجود، ثم انتشرت بسرعات هائلةٍ. وكانت البيئةُ المتكوِّنة في اللحظات الأولى بعدَ الانفجارِ تُشبِه أُكْلةَ "شوربة" من المادة، مكونةً من جُسَيْماتٍ دقيقةٍ مختلفة، ثم مع مرور الوقت بدأت هذه الكارثةُ العظيمة تتحوَّل إلى هَيْكلٍ منظَّم؛ حيث خَلَق الله الذرَّاتِ من الجُسَيْمَات الدقيقة، وفي النهاية خَلَق النجومَ من الذرَّات، وهكذا خلق اللهُ العالَمَ وكلَّ ما فيه. دعْنا الآنَ نَسُوقُ مثالاً لتوضيح كلِّ ما سبق: فكِّر في مساحة فضاءٍ هائلة لا حدود لها. ولا يوجد في هذه المساحة إلا إناءٌ على شكل طاسةٍ مملوءةٍ بصبغةِ ألوانٍ، ولا يوجد أيُّ شيءٍ آخر في مساحة الفضاء الهائلة. ويختلط في هذا الوعاء جميع أنواع الدِّهان، مما يكوِّن ألواناً غريبة. وتخيَّل بعد ذلك أنَّ قُنبلةً انفجرت في الوعاء، وتناثرت الألوان تحت تأثير الانفجار في جميع الاتجاهات في شكل بقعٍ شديدةِ الصِّغَر. وتخيَّل ملايِينَ من بُقَع اللَّوْن تتحرَّك في جميع الاتجاهات وسط الفضاء. وفي تلك اللحظات، وأثناء رحلةِ البُقَعِ الصغيرة، تبدأ أشياءُ غيرُ مُعتادة في الحدوث؛ فبدلاً من حدوثِ فَوْضىً عارمةٍ للنِّقاط ثم اختفائِها في النهاية، فإنَّها تبدأ في التفاعُل مع بعضِها بعضاً كما لو كانت مخلوقاتٍ عاقلةً. وتبدأ النقاط الصغيرة التي كانت في البدء خليطًا من الألوان في فرز أنفسها وترتيب أنواعها في شكل ألوانٍ مستقلَّة، فهذا أزرقُ، وذاك أصفرُ وثالثُ أحمرُ، ثمَّ تبدأ النقاط من نفس مجموعة الألوان تتجمَّع معاً، وتستمرُّ في التحرُّك بعيدًا عن بعضها البعض. وتَحدُث بعد ذلك كُلِّه أشياءُ أغربُ من هذا؛ حين تتجمَّع خمسُمائةِ نقطةٍ زرقاءَ معاً، وتستمرُّ في رحلتها على شكل نقطة كبيرة. ويحدث في الوقت ذاته، وفي رُكنٍ آخرَ مِن مساحة الفضاء اِندماجٌ لثلاثمِائةِ نقطةٍ حمراء، واندماجٌ آخر لمائتي نقطةٍ صفراء في ركن آخر، حيث تستمر كلٌّ منها في التباعد عن النقاط الأخرى معاً. وتتباعد مجموعات الألوان المستقلَّة عن بعضها بعضاً، وتبدأ في تكوين صورة جميلة، كما لو كانت تتَّبِع أوامرَ صادرةً مِن أحدٍ ما. وتبدأ بعضُ النقاط في التجمُّع معًا مكوِّنة صوَرًا للنجوم، وتتجمَّع نقاط أخرى مكونةً صورةً للشمس، وتتجمع نقاط غيرُها لتكوِّن كواكبَ تدور حول الشمس. إذا تخيَّلتَ أنك رأيت صورة مثل هذه، هل سوف تعتقد أنَّ أنفجارًا في وعاء من الألوان تسبب في تكوين هذه الصور بالصدفة؟ لن يوجد من يعتقد بإمكانية هذا. وكما يشرح المثال الخاص بتكوُّن الصورة من نقاط الألوان، فإنَّ المادة تجمَّعت سوِيًّا وشكَّلت الصورة المتقنة التي نراها حين ننظر إلى الأعلى نحو السماء، أي أنها كوَّنت النجوم والشمس والكواكب. ولكن هل يمكن تخيُّل حُدوثِ تلك الأشياء كُلِّها من تلقاء نفسها؟ كيف يمكن أن تكون النجوم في السماء، والكواكب والشمس والقمر والأرض قد ظهرت إلى الوجود نتيجةً لتساقط الذرات وتجمُّعها بالصدفة بعد انفجار؟ وماذا عن أمِّك وأبيك وأصدقائك، والطيور والقطط، وثمرات الموز والفراولة...؟ بالطبع من المستبعد جداً أن يكون هذا قد حدث، فمثلُ هذه الفكرة ستكون خالية من المنطق؛ مَثَلُها مثلُ الاِدِّعاء القائل إنَّ بيتاً ما لم يبنه بنَّاؤون، ولكنه ظهر إلى الوجود من خلال الإرادة الحُرَّة للبَلاط والطوب، بالصُّدفة البحتة. ونعرف كلُّنا بأن وحدات الطوب التي تتناثر نتيجة انفجار قنبلة لا تُكوِّنُ أكواخًا صغيرة، وإنَّما تتحوَّل إلى صخور وفتات متناثر على الأرض، ومع الوقت تندمج وتختفي في تربة الأرض. وتوجد فكرة واحدة تتطلب تركيزًا خاصاً؛ فكما تعرف فإنَّ نقاط اللون هي مادة لا وعي لها ولا حياة فيها. وينتج عن هذا أنه يستحيل على نقاط الدِّهان أن تتجمع تلقائياً معاً وتُكوِّن صُوَراً. ونحن لا نتحدث في الحقيقة عن صور، وإنما عن تكوُّن كائنات حية واعية. وبالتالي فإنه من المستبعد، بصورة مؤكدة جِدًّا، أنَّ كائناتٍ حيَّةٍ مثل البشر والنباتات والحيوانات ظهرت إلى الوجود من مادة غير حية بالصدفة البحتة. ولِنفهمَ هذا بصورة أوضح يجب أن نتفكَّرَ في أجسادنا؛ وسنجدها بأنَّها تتكوَّن مِن جُزَيْئات دقيقةٍ جداً، لا تُرَى بالعين المجرَّدة مثل البروتينات والدهون والماء... وتُكوِّن هذه الجزيئاتُ خلايًا، ومن تلك الخلايا تتكون أجسادنا. والتنظيم المثاليُّ في أجسادنا هو نتاجٌ لتصميم خاص؛ فقد خلق الله أعيُنَنا التي نرى بها، وأيدينا التي نمسك بها هذا الكتاب، وأرجلنا التي تُمكِّنُنا من المشي. وحدد الله مسبقاً قبل أنْ يخلُقَنا كيف سننمو ونتطور في أرحام أمهاتنا، وإلى أيِّ طول سنصل، وما هي ألوان أعيننا وكيف ستكون. إنَّه الله الذي خلق كلَّ شيء لو تذكرت، فإننا سَعَيْنا في بداية هذا الكتاب لتقديم الإجابة الصحيحة لشخص لا يؤمن بالله، والآن لديك الإجابة الصحيحة، فالانفجارات لا تنتج عنها صورة منتظمة ذات معنى، ولكن يمكنها فقط أن تُدمِّر صورةً جميلة قائمة. ويتفوَّق النظام الذي نتج بعد الانفجار الكبير، والذي ظهر منه الكون، في إتقانه بالنسبة للأمثلة التي أوردناها؛ مِن مدينة كبيرة، أو وعاء للألوان، ولا يمكن لأيٍّ منها أن يَنتُج عن الصدفة. لا ينتج هذا النظام المثاليُّ المتقَن إلا عن إرادة الله العظيم سبحانه، فالله قادر على خلْقِ أيِّ شيء، وذلك بقَوْلِه له: كن فيكون. وقد خلق الله، من أجلنا، عالماً جميلاً، داخِلَ كونٍ غايةٍ في الإتقان، وخلق فيه الحيوانات والنباتات .وخلق الشمسَ لتضُخَّ الطاقة وتُدفِئَنا. وضبَطَ المسافةَ بين الشمس والأرض بدِقَّة متناهية، بحيث أنَّ الأرض لو كانت أقربَ قليلاً من الشمس؛ لكان عالمُنا غايةً في السخونة، وإذا كانت أبعد لكُنَّا قد تجمَّدنا مِن البرد. وكُلَّما كشف العلماءُ المزيد مِن الحقائق كُلَّما زادت معرفتنا أكثر فأكثر بقدرة الله. وتأتي هذه المعرفة من أنَّ المادة لا يمكنها أن تصل إلى قرارات، ولا أن تنفِّذَ أيًّا مِن هذه القرارات، ممَّا يعني أنَّ هناك خالقاً يُصمِّم ويخلُق هذا الكون. أمَّا المادة، وهي المُكوِّن الأساسيُّ للنجوم والبشر والحيوانات والنباتات وكلِّ شيء، حيٍّ أو جامِدٍ، وتخضع كل هذه الأشياء لسيطرة الله، مما ينتج عنه انتظام الحياة على الأرض، لأنَّ كلَّ شيء من خلق الله الذي يعطي كلَّ شيء خلْقَه ونظامَه. خَلَق الله كلَّ إنسان وله قَدَرٌ مُحدَّد ذكرنا في بداية هذا الكتاب أن الله خلق آدم عليه السلام الذي تناسل منه كل البشر. ومنح الله البشرَ الحياةَ في هذا العالم ليمتحنهم، كما أرسل إليهم الرسل ليعرِّفوهم بمسؤولياتهم. ويخضع كلُّ إنسان للاختبار من خلال الأحداث التي تمرُّ عليه؛ أي أننا نخضع للاختبار من خلال ردود أفعالنا تجاهَ الأحداث التي تقابلنا، ومن خلال الطريقة التي نتكلم بها، وصمودنا في وجه الصعاب .وإجمالاً فإننا نختبر ما إذا كنَّا نتصرَّف بصورة صحيحة أم لا. ويحدِّد هذا الاختبارُ مصيرَنا في الحياة الآخرة. ويتضمَّن الاختبار الخاص بالحياة الدنيا سرًّا هاماً جدًّا، إذ منح اللهُ البشرَ رحمةً واسعة حين قرَّر قَدَرَهم. ويعني القدرُ أنَّ كلَّ الأحداث التي تمرُّ بالإنسان خلال حياته بأكملها قد حدَّدها الله مُسبقًا، حتى من قبل ميلاد الإنسان الذي يتعرَّض لها. ولكل إنسان قَدَرُه الخاصُّ به الذي لا يشاركه فيه غيرُه. ولتيسير فهم هذه الفكرة يمكننا أن نشبِّه القَدَر بفيلمٍ مسجَّل على شريط فيديو. ويتميَّز الفيلم في هذه الحالة ببدايته ونهايته المعروفتين مسبقاً، ولكنَّنا كَمُشاهدين سوف لن نعرفها حتى نشاهد الفيلم. وما يصدُق على الفيلم يصدق على القَدَر، فكلُّ ما سوف يفعله الإنسان خلال حياته، وكلُّ الأحداث التي سيتعرَّض لها، والمدارسُ التي سيتعلَّم فيها، والبيوتُ التي سوف يَسكُنُها، ولحظةُ موته، كلُّها مقررةٌ مُسبَقاً. وكلُّ الأحداث التي تحدث للإنسان سواء كانت خيراً أو شراً، محدَّدةٌ مسبقاً في علم الله، وكلُّ إنسان يقع تحت الاختبار بِما يتوافق مع هذا السيناريو المكتوبِ خصِّيصاً له. وإجمالاً لِما سبق؛ فإنَّ الإنسان، وفقاً لهذا السيناريو، يمرُّ على سلسلة من الأحداث ثم يحدد إيمانه وتصرُّفاته، وبالإضافة إلى ردود أفعاله تجاه هذه الأحداث يحدد مصيره في الحياة الآخرة. وتعطي معرفة القدَر راحةً كبيرة للإنسان، فهي رحمةٌ من الله، لإنَّه لا داعِي للإنسان من إحساسه بالأسى نتيجة للأحداث التي تقرَّرَت مسبقاً، أو قلقه من عدم سير الأمور على ما يُرام .ويبشِّر الله الذين يصبرون في مواجهة الفِتَن بجنَّات النعيم، الذين يُدرِكون أنَّه لا شيء يحدث إلا بإرادة الله، وقد أعطى لنا رُسُل الله أفضلَ النماذج التي نقتدي بها في هذا المجال .ويُكافِئُ اللهُ مثلَ هؤلاء بجَنَّات النعيم نتيجةَ إيمانِهم المثاليِّ وسلوكهم القويم. |
رد: أيها الأطفال هل فكرتم يوما؟
سبحان الله الخالق المبدع سبحان الله القوي العزيز سبحان الله القادر القدير
جيل المستحيل :: ساحات الترحيب بالأعضاء الجدد :: ساحات الإقتراحات والشكاوي :: المنتديات الصحية الرياضية :: المنتدى الأسري :: روضة الأخوات :: قسم أدم :: واحة الطفل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى